الصفحات

الجمعة، 17 يناير 2014

حضرموت تاريخ من الماضي يحكي حكاية أصالة


http://heritage-hadramout.blogspot.com/

تزخر حضرموت بالعديد من المعالم التاريخية التي تحكي قصص الماضي اليمني البعيد والقريب
استوطن الانسان  القديم اراضي محافظة حضرموت منذ عصور غابرة، وتشير الدلائل الأثرية التي وجدت حتى الآن بوادي دوعن في مغارة موقع (القزة) ان مخلفات الانسان الاثرية يعود تاريخها الى العصور الحجرية المبكرة بالاضافة الى الدلائل الأثرية- في بعض المواقع بمديريتي«ثمود» «والعبر» المنتشرة في اطراف صحراء الربع الخالي الجنوبية الشرقية، وتواصل استيطان الانسان حتى العصور التاريخية، وترك مآثر عظيمة الشأن في مختلف اراضي حضرموت وحققت الحفريات الاثرية المحدودة نتائج اولية علمية هامة في مواقع ومنازل سكنية بوادي دوعن ووادي رخية اللذين يعود تاريخهما الى القرن السابع قبل الميلاد.

مرت حضرموت بعصور ودول وحضارات قديمة جداً منذ آلاف السنين، ولم يذكر المؤرخون شعباً سكن حضرموت قبل عاد الذي اول من سكنها بعد الطوفان وهو شعب سامٍ يعده المؤرخون من العرب البائدة التي تتكون منها الطبقة الاولى من العرب، وقد كان لهذا الشعب مدينته وحصونه وقلاعه ومبانيه العظيمة ومزارعه الواسعة.
وأول من ملك حضرموت بعد عاد هم القحطانيون نسبة الى قحطان بن عابر بن شالخ بن ارفخشد بن سام بن نوح الذي تنتسب اليه، واحد ابنائه يسمى حضرموت ولهذا سميت البلاد باسمه وذلك حسب اغلب الروايات.
وقد بلغت حضرموت مبلغاً كبيراً ايام القحطانيين في التقدم العمراني والعسكري والاقتصادي، وتحققت فيها حضارة راقية اثناء ازدهار تجارة (اللبان) كسلعة مقدسة وتجارة البخور، وتجاوز اسم حضرموت حدود المكان، وذاع صيتها في مراكز حضارة العالم القديم، وسمي ملك حضرموت (بملك بلاد اللبان) وكان لمينائها البحري القديم (قنا) دور كبير عبر التاريخ وشيدت المدن القديمة على محطات الطريق التجاري القديم عبر اراضي حضرموت، وقد جاء ذكر مدن (شبام، سيئون، تريم) في مطلع القرن الثالث الميلادي في النقوش اليمنية القديمة.

ومع ظهور الاسلام في شبه الجزيرة العربية دخلت قبائل حضرموت الاسلام في السنة العاشرة من الهجرة. وقد قام «الحضارمة» بدور كبير في الفتوحات الاسلامية وظهر فيهم القادة الفاتحون امثال الاشعث بن قيس الكندي وطارق بن زياد وغيرهم، وفي العصر الاسلامي كان للمحافظة دور متميز ومازالت الشواهد التاريخية الاسلامية شامخة فيها، كما كانت مدينة تريم -ومازالت- منار اشعاع علمي اسلامي يمتد نورها الى بقاع بعيدة من المعمورة.
وقد تعاقبت على حضرموت في تاريخها الاسلامي حكومات متعددة تستقل بالامر فيها تارة وتخضع لأخرى تارة اخرى، كما تعرضت حضرموت كذلك للتدخلات الاجنبية كالغزو البرتغالي لمدينة الشحر وسقطرى والاستعمار البريطاني اللذين لقيا مقاومة شرسة من ابناء حضرموت وقد كان آخر هذه الحكومات السلطنتين (الكثيرية والقعيطية) اللتين استمر حكمهما حتى استقلال جنوب اليمن عن الاستعمار البريطاني في عام 1967م، بعد الاستقلال توحد جنوب اليمن وتوحدت سلطناته واماراته المبعثرة هنا وهناك تحت اسم جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، وهكذا حتى توحدت اليمن قاطبة في 22 مايو 1990م تحت مسمى الجمهورية اليمنية، وحضرموت جزء من هذا الكيان الموحد.
أهم مدن محافظة حضرموت
المكلا:
عاصمة محافظة حضرموت تقع في الجزء الشرقي من ساحل الجمهورية اليمنية على خط طول 49.10 درجة وخط عرض 14.33 درجة وعلى بعد حوالى (620) كيلو متراً من العاصمة صنعاء.. تحيط بالمكلا مجموعة من الجبال متوسطة الارتفاع على شكل دائرة وتعني كلمة المكلا الميناء او المرسى.
وقعت المكلا خلال الفترة 1600-1886م تحت حكم الاسرة الكسادية وكان أغلب سكانها في تلك الفترة من الصيادين لكنها شهدت نهضة عمرانية وتوسعاً نسبياً في عدد السكان رافقه نشاط تجاري وإداري بعد سقوطها تحت حكم الاسرة القعيطية وذلك في الفترة 1886- 1967م حيث حولت العاصمة الادارية للسلطنة من الشحر الى المكلا في عام 1915م وذلك لميزاتها كمرفأ عميق وطبيعي آمن للسفن.

من اهم معالمها الاثرية حصن الغويزي، قصر السلطان والمكتبة السلطانية.
الشحر :
يطلق عليها البعض اسم سعاد وسمعون وهي من المدن التاريخية الموغلة في القدم تقع على خطي عرض 14.42 درجة شمالاً و 49.39 درجة شرقاً على ساحل البحر العربي، تبعد عن المكلا -عاصمة المحافظة- حوالى (60) كيلومتراً، تقع في منطقة سهلية واسعة وعلى ساحل مفتوح ويجري بها وادي يعرف بوادي سمعون. يشتهر اهالي الشحر بصيد الاسماك وتعتبر اكبر منتج للاسماك والاحياء البحرية على مستوى ساحل حضرموت واليمن ومصدراً لأجود انواع الاسماك لدول الاتحاد الاوروبي والعالم بواسطة عددٍ من الشركات المتواجدة فيها وتتميز بوجود اكبر تجمع لقطاع الصيادين التعاونيين والفرديين يفوق عددهم الـ(3.000) صياد ويفوق حجم الانتاج السنوي لهم من الاسماك (14.000) طن. من أهم معالمها القديمة سور المدينة والبوابتين الشمالية (سدة العيدروس) والغربية (سدة الخور) وحصن بن عياش.
سيئون
عاصمة مديريات الوادي والصحراء وهي اكبر مدن وادي حضرموت، كانت عاصمة لدولة (آل كثير) قبل الاستقلال.. تقع على خط طول 48.46درجة شرق غرينتش وخط عرض 15.57 درجة شمال خط الاستواء تقريباً.. تبعد عن المكلا -عاصمة المحافظة- (320) كيلو متراً، تشكل مدينة سيئون رقعة واسعة وتمتاز بطول اسوار مبانيها لذا يطلق عليها البعض اسم (الطويلة) لطولها المتميز عن باقي مدن وقرى وادي حضرموت.. من اهم معالمها السور القديم ببواباته الثلاث، قصر السلطان (حصن الدويل) وهو من اشهر معالم محافظة حضرموت.
غيل باوزير
مدينة صغيرة تبعد عن المكلا حوالى (40) كيلو متراً تقع على خط طول 5.94درجة ودائرة عرض 5.41درجة شمال خط الاستواء.. والغيل تعني في اللغة الماء الجاري.. وغيل باوزير تكثر بها العيون والمياه الجارية. تشتهر غيل باوزير بزراعة التمباك والحنا.. من أهم معالمها حصن الازهر، سدة الغيل الشرقية، و(الباغ) وهو عبارة عن حديقة يوجد بها قصران بني على الطراز الهندي.
تريم
من اهم مدن وادي حضرموت تقع شمال شرق مدينة سيئون وتبعد عنها (53) كيلو متراً اشتهرت بكثرة مساجدها إذ وصلت الى حوالى 063مسجداً وكذا الاربطة العلمية اعرقها رباط تريم واحدثها رباط المصطفى والمكتبات الثقافية ومن أشهر معالمها جامع المحضار المتميز بمنارته الشامخة التي يبلغ ارتفاعها حوالى (571) قدماً ومكتبة الاحقاف التي تضم مجموعة كبيرة من المخطوطات النادرة الى جانب قصر القبة.
شبام
تقع الى الغرب من سيئون على بعد 91كيلو متراً تقريباً، بدأ ظهور المدينة في فترة ماقبل الاسلام، حيث ورد ذكرها في مجموعة النقوش اليمنية القديمة، للمدينة اسوار حصينة وبوابة ضخمة تمثل مدخل المدينة القديمة، تتميز مدينة شبام بأبنيتها الشامخة المترابطة التي ترتفع في اطوال متوازية يتراوح طولها بين 32-42 متراً كلها من الطين والخشب، يقدر عددها بخمسمائة منزل كأنها ناطحات سحاب، يتوسطها المسجد الجامع بمنارته العالية. يقابل كل ذلك حصن الحكم والقصر النجدي وبوابات المدينة ومن اشهر اسمائها (الصفراء، العالية) نسبة الى الوان مبانيها وعلوها.
المعالم الأثرية
تتناثر على طول وعرض محافظة حضرموت عشرات، بل مئات المعالم التاريخية والمعمارية -سواءً أكانت شاخصة أو مندثرة- التي تحكي قصص الماضي التاريخي اليمني البعيد وكذا القريب.
ومن هذه المعالم:
1- بقايا الأدوات الحجرية والمقابر والانصاب والمواقد.. وغيرها، للانسان الذي عاش على ارض اليمن في العصور الحجرية القديمة «الباليوليثية» قبل مئات الآلاف من السنين، حتى نهاية العصر الحجري الحديث والعصر البرونزي (قبل فترة تقدّر بحوالى (8 الى 5) آلاف عام قبل ميلاد المسيح عليه السلام).
2- المدن وبقايا المستوطنات الحضرية المنتمية الى عهد الحضارة اليمنية المجيدة قبل الإسلام التي ظهرت في فترة ربما تزيد على ألفي عام قبل الميلاد، وكذلك ما في هذه المستوطنات وحواليها، وعلى سفوح الآكام الجبلية، وطرق التجارة القديمة.. من ابنية، ومعابد، وحصون، واسوار ضخمة، وبقايا منشآت الري وحفظ المياه المتقنة، والمقابر، وطرق تجارة البخور القديمة، وكتابات خط المسند اليمني القديم وكذا المصنوعات العديدة المتنوعة كالاواني الفخارية بمختلف اشكالها، والأدوات الكثيرة التنوع المصنوعة من الاحجار، والمعادن، والعظام الثمينة للحيوانات، وغيرها والاختام والعملات، والتماثيل، والزخارف والرسوم الفنية، والكتابات التذكارية والحلي... الى ما نحو ذلك.
المستوطنات
وأهم المستوطنات (المكتشفة حتى الآن) والمنتمية الى هذه الحقبة المزدهرة من تاريخ اليمن، نذكر على سبيل المثال لا الحصر:
- أطلال مدينة شبوة التي كانت عاصمة لمملكة حضرموت القديمة المنضوية تحت إطار المملكة السبئية العظيمة.. وتقع أطلالها في أطراف السبعتين (مع مخرج وادي عرماء - بمحافظة شبوة حالياً) وكانت واخواتها مدن: «مأرب»، و«تمنع» و «معين» و «الجوف» تشكّل المرتكزات اليمنية الحضارية لماأطلق عليه في المؤلفات العلمية بـ«حضارة» صيهد» (وهي - أي «رملة السبعتين»، التي قد يكون اسمها القديم «رملة السبئيين».
- بقايا مستوطنات: «مكينون» و«هجرة» و«قارة» وغيرها.. في أقصى الشرق من حضرموت (إلى الشرق من مدينة «تريم» - وتبعد بحوالى 30-35 كيلو متراً عنها)، ومستوطنات «سونة» و«مشغة» و«حدبة كروشن»... الخ في وادي عدم. ومستوطنات «جوبة»، و«قبوسة»، و«عقران».. وغيرها كثير، في وسط وادي حضرموت الرئيسي (حول مدينة شبام من كل الاتجاهات في بعد 5-8 كيلو مترات عن المدينة الشهيرة )،ثم مستوطنات «العادية - عادية بن عيفان» (وقد كان اسمها «صوأران» في النقوش اليمنية القديمة)، و«عادية بن صريمان وعادية غنيمة بن عقيل» - التي لايعرف حتى الآن اسمهما القديمان، وكذا «عادية بيرحمد» وغيرها كثير في أقصى الغرب من حضرموت، ثم مستوطنات الوديان الفرعية الرافدة لوادي حضرموت.. وهي كثيرة، ويكفي ذكر أشهرها مثل: مستوطنة «مذاب» قرب مدينة حريضة مع نهاية وادي عمد، و«ريبون» الواقعة في أسفل وادي دوعن قرب حوطة «المشهد» حالياً، ومستوطنات:«السفيل» و«لِقلات» و «البويرقات».. وغيرها قرب القرى المذكورة مع نهاية وادي العين. إضافة الى المستوطنات التي كشف عنها في وديان: سَرْ، ووادي بن علي، وجعيمة، وحجر.. وغيرها؛ وهي تعد بالعشرات.
ويجب أن لا نغفل حقيقة كثير من المدن والبلدات الحيّة حالياً في وادي حضرموت الرئيسي وفروعه الجانبية، وكذا ساحل حضرموت،وهي أنها ذكرت في النقوش اليمنية القديمة: فهي مدن تاريخية موغلة في أعماق التاريخ؛ ولكن النواة التاريخية لها قد أندثرت في مكان «ما» منها.. لتطاول العصور، وعدم انقطاع الاستيطان البشري فيها حتى يومنا هذا، ومن هذه المدن: سيئون (واسمها في كتابات المسند «سيأن»: ولعل الاسم آتٍ من اسم إله القمر «سين» كما يرُجّح ذلك بعض مشاهير علماء الكتابات اليمنية القديمة)، وتريم (والاسم مشتق من الجذر «ريم» الذي يعني بلغة المسند: العلو، ولازالت الكلمة تطلق في حضرموت على سطح المنزل،و سطح المنزل - كما هو معروف - أعلى مكانٍ فيه، فتريم - فعل مضارع مؤنّث بمعنى: تعلو، مثلماهي اسم اختها مدينة «يريم» في محافظة اب الذي يعني «يعلو» - فالاسم مضارع مذكر، ومن الجذر «ريم» ايضاً «ريام» بمعنى «العالي»، وهناك جبل قرب العاصمة صنعاء يسمى «ريام» - أي العالي، وكذلك من هذا الجذر اسم «مريمة» - وهي بلدة قديمة قرب مدينة سيئون ذكرت في النقوش اليمنية: وتعني «مَعْلَيَة»..، وهو اسم مكان على وزن «مفْعَلة»... الخ).
وشبام (من المرجح أن الاسم من الفعل الماضي «شبا» - والذي يعني (صَعَدَ) في اللهجة المحلية بحضرموت، ولعلّه كان يعني المدلول نفسه في لغة اليمن القديمة - وفي اليمن اربع مدن باسم شبام - فإضافة الى شبام حضرموت - هناك «شبام أقيان» و «شبام الغراس» و«شبام كوكبان»، واسم عاصمة حضرموت القديمة «شبوة» بمعنى «صعدة» في عربيتنا المعاصرة، وكذا «يشبم» - وهو اسم وادٍ بمحافظة «شبوة»، يأتي بمعنى «يصعد».. الخ)، والهجرين ( من كلمة «هجرن».. التي تعني في لغة اليمن القديمة: المدينتان، ومفردها «هجرن» - أي المدينة ولازالت كلمة «هجر» مستعملة حتى الآن. و«الهجرين» تقع على مدخل وادي دوعن.

الحصون
- بقايا أطلال الحصون والأسوار،والمعابد الوثنية، والأسواق.. ومنها:
< بقايا أطلال حصن (العُر) الشامخ حتى يومنا هذا فوق قارة صخرية تقع الى الشرق من مدينة «تريم» في شرقي حضرموت (بين مستوطنتي «قارة كبدة» و «مكينون»، وحصن «النجير» الذي ذكر في أخبار الرّدة بحضرموت، وتردد المأثورات انه يقع الى الشرق من تريم، قرب قرية يُقال لها «خباية» وتحصينات واسوار جدار «البناء» الواقعة الى الغرب من وادي حجر.. وغيرها من بقايا أسوار وقلاع ما قبل الاسلام.
المعابد
< ومن بقايا المعابد المنتمية لفترة الحضارة اليمنية قبل الإسلام:
معابد مستوطنات ريبون الضخمة المكرسة لآلهة: القمر «سين» والشمس (ذات حميم، وذا بعدن..) والزهرة (عثتر)، وكذلك معبد الإله «سين ذات حلسم» في باقطفة، في أقصى شرق وادي حضرموت، ومعبد الإله «سين ذو ألم» بشبوة العاصمة القديمة في أقصى غرب حضرموت.. و غيرها كثير.
الأسواق
< وقد اشتهرت اليمن قُبيل الإسلام وبُعيده، بقيام أربعة أسواق من أسواق العرب المشهورة فيها، منها سوقان في حضرموت هما: سوق «الرابية» ويقع في أقصى غرب وادي حضرموت (وتقع مخلفات ابنية هذا السوق بوادي العين قرب قرية «لِقلات» مع نهاية الوادي)، وسوق «قبر نبي الله هود» عليه السلام، ويقع في أقصى شرق حضرموت (يبعد حوالى30 كيلو متراً الى الشرق من مدينة تريم)، وكان يسمى قديماً قبرنبي الله هود عليه السلام. ولازال هذا السوق يقام حتى الآن وذلك في أواخر النصف الأول من شهر شعبان (مثلما هو الحال قديماً قبل الإسلام)، حيث يقام سوق مؤقت تحت سفح الجبل الذي يمتد فيه بإنحدار قبر النبي هود عليه السلام، والمشاهد البيضاء عليه، والمسجد الضخم الذي بجوار الصخرة حيث يغصٌّ بالمصلين خلال أيام الزيارة وعند العودة من هذا السوق تجري مسابقات للهجن السريعة في تريم (وهذا يذكرنا بأنه في الماضي البعيد كانت شهرة بضائع هذا السوق هي الإبل المهرية الاصيلة السريعة، والذائعة الصيت في كل أنحاء جزيرة العرب).. وهناك الكثير من معالم التاريخ والعمارة والفنون المنتمية الى عصور ماقبل، وقبيل الاسلام.
معالم اسلامية
أما معالم فترة الحضارة الإسلامية المجيدة منذ بزوغ فجر الإسلام حتى النصف الاول من القرن العشرين، فهي عديدة ومتنوعة تنوعاً هائلاً.. فتشمل مثلاً: مستوطنات لقبائل يمنية شهيرة أسهمت في الفتوحات الإسلامية الخالدة من أقاصي الشرق الى أقاصي الغرب، وبرز منها قادة سياسيون وعسكريون،وعلماء، ومفكرون،وفقهاء، وقضاة.. مما يطول تعداده، ويطول ذكرهم. ولازالت أطلال مساكن هذه القبائل اليمانية الملّبية لدعوة الحق مع بدايات فجر الإسلام تطلُّ من على القصور والآكام الجبلية مثل مستوطنات «تجيب» و«تُجيّبْ» و «قرن بدّا» في منطقة الكسر والمعروف أنّ هذه البطون القبلية من كندة ساهمت إسهاماً كبيراً في رفد الحضارة العربية الإسلامية..وغير هذه المستوطنات هناك: «حبوظية» في وسط وادي حضرموت (الى الشمال من مدينة سيئون) وقد ذكر الهمداني أنها كانت بلدة (للصدف) ومدن: الهجرين، وهينن، وسدبة، وحورة، وصيلع، وعندل، ودمون،... وغيرها كثير.
ولقد كانت مدينة الشحر ميناءً إسلامياً شهيراً - بعد ان ورث قبلها مكانة ميناء «قناء» القديم- الذي توقّف في تخوم القرن الرابع الى الخامس الميلادي - واستمرت التجارة تنقل منه وإليه، وذكره معظم مؤلفي الجغرافيا والبلدان في دار الإسلام.
وقد تصارعت مختلف القوى الداخلية والخارجية للسيطرة على هذا الثغر البحري اليمني الهام،ولكنه استطاع الصمود طويلاً: فلقد ظلّ ثغر منطقة حضرموت منذ أواخر عهد الحضارة اليمنية (حيث كان يسمى في النقوش «أسعين» - أي «الأسعاء») حتى أوائل القرن العشرين.. حينها ورثت مدينة المكلا مكانته، واصبحت الميناء الرئيسي لمحافظة حضرموت.
وفي الشحر معالم عديدة من أسوار، وبوابات، وأربطة ومدارس علم، وحصون وقلاع، ومساجد وقباب، وأحياء وأزقّة.. جميعها تروي قصصاً عن أمجاد وبطولات غابرة، وحياة صاخبة عاشتها هذه المدينة الشامخة.
والى الشرق منها تقع مدينة «الحامي» الصغيرة الجميلة التي تغتسلها أمواج بحر العرب، والمشهورة بمياهها الكبريتية الحارة.
وقد أنجبت هذه المدينة كثيراً من كبار ربابنة السفن الشراعية الذين خلّفوا تراثاً علمياً رائعاً عن قيادة السفن عند الإبحار بها في المحيطات البعيدة.
وإلى أقصى الشرق من الحامي يقع منتجع خليج «شرمة» الرائع.
وكانت «شرمة» في العهد العباسي ميناءً بحرياً لتجارة الترانزيت، وقد ذكره «المقدسي»، وأثبتت التقنيات الأثرية الأخيرة فيه، عن دوره كميناء مكمِّل لميناء الشحر إبّان القرنين: الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين.
ومن معالم الحضارة الإسلامية والحديثة: أربطة علم متناثرة في عديد من مدن حضرموت،و خاصة في مدينة تريم الغنّاء.. ومخطوطات كتبها الأجداد في كافة فنون المعرفة (وتضمها الآن مكتبة الأحقاف للمخطوطات في مدينة تريم).
مقابر رجال صالحين
في مدن وبلدات حضرموت
ورجال صالحون لا تزال مقابرهم وقبابهم الجميلة تطلُّ لزائر مدينة تريم بالذات، مدينة العلم الصالحة حتى يومنا هذا..
وكان العلماء يشدُّون الرحال اليها من مختلف اصقاع اليمن والعالم الإسلامي هي وأخواتها مدن: زبيد، وصنعاء، وتعز، وغيرها.
أما المساجد فحدّث ولا حرج.. وكذا الحصون المتبقية من المدن والقرى، وعلى مفترقات الطرق ورؤوس الجبال وفي السهول والوديان والهضاب.. التي تجسّد تطوّر فن العمارة الدفاعية عبر العصور المختلفة (بحسب اختلاف الدويلات وأنواع الأسلحة): فمن العمارة الدفاعية العريضة الجدران والتي بُنيت خصيصاً كذلك كي لا تتعرض للدك (خاصة في الفترة قبل اختراع الأسلحة النارية)، الى الحصون الدفاعية ذات الجدران الأقل سمكاً، ولكن زواياها متعددة وبها منافذ عديدة مختلفة للسيطرة على كل خطر منظور من كافة الاتجاهات (والتي ابدع المعماري اليمني في بنائها منذ ظهور أوائل الاسلحة النارية)، ومن القلاع الضخمة الى «الأكوات» البسيطة العملية التي يدافع منها الفلاح اليمني على ممتلكاته الزراعية التي رواها بعرقه.

> اعداد: د. عبدالعزيز بن عقيل

1 التعليقات :

idaleeqian يقول...

Casino - DRMCD
Casino. 안산 출장안마 1 Borgata Way, Atlantic City, NJ 08401. 광주 출장샵 1-800-GAMBLER. 4-Hour. Casino. 100% Safe. 김해 출장마사지 No 용인 출장안마 Vig / Cancellation / 동해 출장샵 Cancellation.

إرسال تعليق